دينا حماد
طالبة ماجستر اتصال رقمي/قسم الصحافة والإعلام والاتصال الرقمي/الجامعة الأردنية
في عيد ميلاد سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، تتجلّى معاني الانتماء والنهضة الوطنية في أبهى صورها، من خلال شخصية شابة تمتلك رؤية واضحة لمستقبل الأردن، وتستمدّ من الإرث الهاشمي قيم العمل، والريادة، والعطاء. لقد أثبت سموّه، في أكثر من مناسبة ومجال، أن الشباب هم ركيزة الوطن، وأن تمكينهم علميًا ووطنـيًا ومجتمعيًا هو السبيل لتحقيق التحوّل المنشود في بناء الدولة الحديثة.
منذ نشأته، حمل سمو الأمير الحسين رسالة والده جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، فغدا شريكًا فاعلًا في مسيرة الإصلاح والتحديث، واضعًا التعليم في مقدّمة أولوياته، باعتباره حجر الأساس في بناء الإنسان الأردني القادر على مجابهة التحدّيات ومواكبة التغيّرات العالمية المتسارعة. وقد انعكس هذا الاهتمام بوضوح في دعمه المتواصل للجامعة الأردنية، أقدم صرحٍ تعليمي في البلاد، التي كانت ولا تزال مصنعًا للكفاءات الوطنية، ومنبرًا لتكريس قيم العلم والانفتاح والمواطنة الفاعلة.
تحت إدارة الدكتور نذير عبيدات، رئيس الجامعة الأردنية، تشهد الجامعة حراكًا ديناميًا يعكس روح العصر وتطلّعات الشباب. فقد أكّد عبيدات مرارًا أهمية تهيئة البيئة الجامعية لتكون حاضنة للإبداع الطلابي، ومنصة للتعبير الحُرّ عن الطاقات والأفكار الجديدة، مشيرًا إلى أن التعليم لم يعد مجرّد تحصيل أكاديمي، بل أصبح مسؤولية مجتمعية وتنموية. لذلك، تعمل الجامعة على دمج الطلاب في مبادرات نوعية ومشاريع ترتبط بقضايا معاصرة، مثل التحوّل الرقمي، والطاقة المتجددة، وتغيّر المناخ، إلى جانب ترسيخ ثقافة المشاركة المجتمعية والمسؤولية الوطنية.
لم يكن دعم سمو ولي العهد لهذا التوجّه دعمًا رمزيًا، بل جاء من خلال حضوره الفاعل في المشهد التعليمي والشبابي، ومتابعته للتطوّرات في السياسات التعليمية، ومساهماته في اللقاءات والحوارات المتعلقة برؤية التحديث الاقتصادي، التي شكّلت وثيقة مرجعية شاملة تُعلي من دور التعليم في تنمية رأس المال البشري الأردني. كما أن مبادراته تصبّ في هذا الاتجاه، من خلال ربط التعليم بسوق العمل، وتحفيز الشباب على اكتساب مهارات تتماشى مع متطلبات الاقتصاد المعرفي.
ولم يغفل سموّه البُعد الثقافي والاجتماعي للرياضة، إدراكًا منه لأثرها الإيجابي في تعزيز الوحدة والانتماء. وبرز هذا الإدراك جليًا من خلال دعمه المتواصل للمنتخب الوطني الأردني لكرة القدم "النشامى"، ومرافقته للفريق خلال مسيرته في بطولة كأس آسيا 2024، حيث كان حريصًا على مشاركة اللاعبين كل اللحظات: من التدريب إلى التشجيع، ومن التحفيز إلى الاحتفاء، حتى في أصعب اللحظات بعد خسارة النهائي، حين خاطب اللاعبين بكلمات حانية: "أنتم فخرنا... رفعتوا الرأس". هذه اللحظات لم تكن استثنائية فحسب، بل عبّرت عن القرب الصادق بين القيادة والشعب، وأثبتت أن الرياضة ليست مجرّد منافسة، بل جسر يربط بين أبناء الوطن الواحد، ويُرسّخ مشاعر الانتماء والاعتزاز.
وفي ذات الإطار، يأتي اهتمام سمو ولي العهد بالعمل التطوعي كامتداد لرؤيته الشاملة نحو تمكين الشباب، وبناء نموذج وطني يعزّز قيم العطاء والانتماء. فقد أُطلقت "جائزة الحسين بن عبدالله الثاني للعمل التطوعي" عام 2021، تزامنًا مع اليوم العالمي للمتطوعين، لتكون منصة تحتفي بالمبادرات الشبابية وتدعمها، وتحفّزها على إحداث أثر ملموس ومستدام في المجتمع.
وفي خطوة تؤكد أهمية توجيه طاقات الشباب نحو العمل البنّاء وتعزيز حسّ الانتماء والمسؤولية المجتمعية، نظّمت وزارة الشباب، بالتعاون مع الجامعة الأردنية، لقاءً تعريفيًا بالدورة الثالثة من الجائزة. وتأتي هذه المبادرة في إطار تكامل الجهود بين القيادة والمؤسسات التعليمية، بما يعكس التزامًا وطنيًا بتعزيز دور الشباب في مسيرة التنمية. وقد شكّل اللقاء محطة لتسليط الضوء على أهداف الجائزة وتأثيرها المتنامي في تحفيز المبادرات الشبابية الواعدة.
وخلال اللقاء، أُكدت أهمية الجائزة كمشروع وطني يحتفي بالمبادرات ذات الأثر، ويمنحها الاعتراف والدعم، ويحثّ على دمج العمل التطوعي في السياسات التنموية، لا بوصفه خيارًا فرديًا، بل التزامًا وطنيًا يُعبّر عن روح المواطنة. وقد أشار الدكتور نذير عبيدات إلى أن الجامعة الأردنية تضع على عاتقها مسؤولية تعزيز هذه الثقافة بين الطلبة، عبر دعم الأنشطة التطوعية والمبادرات الطلابية الهادفة، وتوفير الإمكانات التي تضمن استمراريتها وتوسّعها.
ما يُميّز نهج سمو ولي العهد، أنه لا يفصل بين المسارات المختلفة، بل يرى أن التعليم والرياضة والعمل المجتمعي عناصر متكاملة تصنع شخصية أردنية قادرة على القيادة والعطاء، ومؤهّلة للمنافسة إقليميًا ودوليًا. ولهذا، فإن حضوره الدائم في كل هذه المساحات لا يأتي من موقع المتابعة فقط، بل من موقع الشراكة الفاعلة، والتخطيط المستقبلي، والالتزام العميق برفع شأن الإنسان الأردني.
وجملة القول، في عيد ميلاده، لا يُحتفى فقط بشخصية شابة محبوبة، بل يُحتفى برؤية تقودها القيم وتُترجمها الأفعال. فسمو الأمير الحسين يُجسّد جيلًا قياديًا يؤمن بأن بناء الدولة لا يتمّ إلا عبر الاستثمار الحقيقي في الإنسان، وإشراك الشباب في صناعة القرار، وتمكينهم بالعلم والعمل والمسؤولية. إنه نموذج يعكس روحًا هاشمية أصيلة، ترى في كل شاب أردني مشروعًا للنهضة، وفي كل مؤسسة وطنية ساحةً للإنجاز. ومن الجامعة الأردنية، إلى ميادين الرياضة، إلى مبادرات العمل التطوعي، يرسم سموّه ملامح مستقبلٍ يؤمن بالناس ويعمل لأجلهم.
وكل عام وسمو ولي العهد بألف خير، سائلين الله أن يوفقه لما فيه خير الوطن وشبابه.