الإعلام الجامعي ودوره في تشكيل الهوية المؤسسية للمؤسسات الأكاديمية
في زمنٍ باتت فيه وسائل الإعلام تلعب دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العام وصناعة التغيير، إيجابيًا كان أم سلبيًا، يبرز الإعلام المؤسسي، وعلى وجه الخصوص الإعلام الجامعي، كأداة استراتيجية تصب في مصلحة المؤسسة الأكاديمية وتعاظم دورها كمؤسسة تنويرية تقود العلم والمعرفة وتصنع التغيير الإيجابي المستدام داخل المجتمعات متى ما تم استثماره بالشكل الأمثل.
في هذا العصر، لم يعد من المقبول أن تقتصر مهام الجهات الإعلامية في الجامعات، بمختلف مسمياتها التنظيمية، على نقل الأحداث التي يشهدها المجتمع الجامعي، لأفراده ووسائل الإعلام فقط، بل بات من الضروري أن تضطلع بدور جوهري في التعبير عن هوية المؤسسة الأكاديمية ورسالتها وإنجازاتها، بما يعزز حضورها في المشهدين المحلي والدولي.
ومع تنوع وسائل النشر وتطور أدوات الإنتاج الرقمي وتوسّع الدور الحضاري للجامعات بصفتها بيوتًا للعلم والحكمة والثقافة وخدمة الإنسانية، تطور الإعلام الجامعي ليضطلع بمهام أوسع، تتجاوز التغطية الخبرية إلى بناء الصورة الذهنية للجامعة وترسيخ هويتها المؤسسية في الوعي المجتمعي محليًا ودوليًا، من خلال تسليط الضوء على نشاطاتها التعليمية والبحثية والمجتمعية وإبراز إسهاماتها الفاعلة في التنمية والتقدم.
ولا يمكن إغفال الدور الحيوي الذي يلعبه الإعلام المؤسسي في ترسيخ قيم إنسانية في جوهرها، ومجتمعية في ممارستها، مثل الشفافية والانتماء من خلال إنتاج محتوى إعلامي موثوق وشامل يعكس الواقع الفعلي للمؤسسة، ويواكب رؤيتها وخططها المستقبلية بمنهجية واضحة ومهنية عالية.
كما تقع على عاتق العاملين في الإعلام الجامعي مسؤولية كبيرة في توثيق إنجازات الجامعة وفعالياتها المتنوعة، إلى جانب إدارة قنواتها الرقمية بكفاءة ومهنية، تواكب تطورات الإعلام الحديث، وتراعي تنوّع الشرائح المستهدفة، سواء من المؤسسات الأكاديمية النظيرة، أو شركاء الجامعة من القطاعين العام والخاص، أو الطلبة والخريجين، أو جمهور المعرفة محليًا ودوليًا.
وإذ تتسارع وتيرة التطور التكنولوجي والتحول الرقمي، بات لزامًا على الجهات الإعلامية في الجامعات تعزيز حضور المؤسسة في المشهد الإعلامي المعاصر، على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، بما يواكب تطلعات مجتمعها الأكاديمي والإداري والطلابي، مع المحافظة على هوية مستدامة وروح أصيلة، تميزها عن غيرها من المؤسسات الأكاديمية، وتعمق انتماء أفرادها، وتُعلي مكانتها في المجتمع.