فادية العتيبي- في دقائقَ معدودة، وبميزانيّةٍ هي أقربُ إلى الصّفر، وبعدّةٍ صغيرةٍ ومألوفة، بات بإمكانِ الطّلبةِ ممّن شاركوا في الورشةِ التّدريبيّةِ الّتي نظّمَها قسمُ الصّحافةِ والإعلامِ الرّقميِّ في كليّةِ الآدابِ في الجامعةِ الأردنيّة، أن يُنتجوا قصّتَهم، أو يوثّقوا حدثًا صادفهم، في قالبٍ إعلاميٍّ أشبَه بالتّقرير، يضاهي في نوعيّتِه وجودتِه الأفلامَ التلفزيونيّةَ الّتي جرى إعدادُها باستخدامِ أحدثِ معدّاتِ التّصويرِ الحديثةِ والمرتفعةِ في تكاليفِها.
تدريباتٌ عمليّةٌ أحدثَتْ تفاعلًا بين الطّلبةِ ومدرّبِ الورشةِ الّذي استزادوا من علمِه، وتلقّوا على يديهِ مهاراتٍ مختلفة، سنحَت لهم فرصةَ استثمارِ التّقنياتِ الحديثةِ الموجودةِ في هواتفِهم المحمولة، وستمكّنُهم من إعدادِ تقريرٍ تلفزيونيٍّ كاملِ الخطوات، بدءًا من التقاطِ الصّور، ومرورًا بمنتجَتِها، وصولًا إلى بلوغِها لأكبرِ عددٍ ممكنٍ من الجمهورِ المتعطّشِ لكلِّ ما هو عاجلٌ وجديد؛ بسرعةٍ عاليةٍ ودقّةٍ متناهية، في أيّ وقت، ومن أيّ مكان.
وكان ذلك أثناءَ ورشةِ عملٍ تدريبيّةٍ نفّذَها قسمُ الصّحافةِ والإعلامِ الرّقميِّ الّذي ارتأى أنْ تكونَ باكورةُ أنشطتِه ورشةً تتضمّنُ "صحافة الهاتفِ النّقّالِ للتّقاريرِ التّلفزيونيّةِ والرّقميّةِ وأخلاقيّاتها في العصرِ الرّقميّ"، قدّمها الصّحافيُّ حيدر العبدلي/ مراسلُ قناةِ الحرّةِ في عمّان، والمتخصّصُ في صحافةِ الهاتفِ النّقّال، وهو حاصلٌ على جائزةِ الطّاووسِ الذّهبيِّ من معالي وزيرِ الاتّصالِ الحكوميّ/ النّاطقُ الرّسميُّ باسمِ الحكومةِ الدكتور محمد المومني، أثناءَ أعمالِ المنتدى العالميِّ للتّواصلِ الّذي عُقِدَ في الأردنّ في شهرِ تشرين الثّاني 2024.
والورشةُ الّتي عُقِدَت برعايةِ عميدِ كليّةِ الآدابِ الدكتور محمد القضاة، وحضورِ رئيسةِ قسمِ الصّحافةِ والإعلامِ الرّقميِّ الدكتورة ياسمين الضامن، وعضوَيْ هيئةِ التّدريسِ في القسمِ الدكتور تحسين منصور، والدكتورة نيفين حلالشة، لاقت إقبالًا واسعًا من قِبَلِ طلبةِ القسم، وطلبةِ اللّجنتَيْن؛ الإعلاميّة، والاجتماعيّةِ في الكليّة، والطّلبةِ المهتمّينَ بالمجالِ الإعلاميِّ للمشاركةِ فيها.
وكان القضاة لدى افتتاحِه أعمالَ الورشةِ قد أعربَ في كلمتِه التّرحيبيّةِ عن شكرِه وتقديرِه لمدرِّبِ الورشةِ ولقناةِ الحرّةِ الّتي يعملُ فيها، وآثرتْ مشاركةَ قسمِ الصّحافةِ والإعلامِ في هذه الورشةِ الّتي ينبغي أنْ تنعكسَ إيجابًا على الطّلبة؛ للوصولِ إلى الأهدافِ الّتي نسعى إليها، لا سيّما أنّ إدارةَ الجامعةِ تضعُ على كاهلِنا حملًا ثقيلًا يكمنُ في أنْ يؤدّيَ هذا القسمُ دورَه الّذي وُجِدَ لأجلِه، وأن يكونَ رافدًا حقيقيًّا من روافدِ الجامعةِ الإعلاميّة؛ لعرضِ منجزِها الّذي صنعتُه في كليّاتِها ومرافقِها العلميّةِ والبحثيّةِ المختلفة، وأن يكونَ نافذةً لها على وسائلِ التّواصلِ والاتّصالِ المحليّة، والاقليميّة، والدّوليّة.
وأكّدتِ الضّامنُ أهميّةَ انعقادِ مثلِ هذا النّوعِ من ورشِ العمل؛ ذلك لأنّنا نعيشُ في عصرٍ تتسارعُ فيه التكنولوجيا؛ فأصبح الهاتفُ المحمولُ أداةً لا غنى عنها ليس في حياتِنا اليوميّةِ حسب، بل في ميدانِ الصّحافةِ والإعلام؛ لما تتيحُه تلك الأداةُ الصّغيرةُ من قوّةٍ هائلةٍ في جمعِ الأخبار، وتوزيعِها، وتحليلِها بسرعاتٍ مذهلة، منوّهةً إلى أنّ التّعاملَ مع تلك القوّةِ يحتّمُ علينا مسؤوليّةً كبيرة، تستوجبُ منّا استخدامَها بأخلاقيّاتٍ عالية، وكفاءةٍ مهنيّةٍ مع الحفاظِ على الدّقةِ والنّزاهةِ في إعدادِ التّقارير .
أجواءٌ من الحماسةِ والتّفاعلِ سادَتْ جلساتِ أعمالِ الورشةِ الّتي استمرّت ليومٍ واحد؛ لما تلقّاه الطّلبةُ المشاركون البالغُ عددُهم زهاءَ الـ (30) طالبًا وطالبةً من تدريباتٍ عمليّةٍ مكثّفةٍ ومتنوّعة، كشفت لهم عن مكنوناتِ هاتفِهم النّقالِ الّذي يلازمُهم باستمرار، وما يخبِّئُهُ من تقنياتٍ شكّلت طفرةً رقميّةً في عالمِ الاتّصال، وستمكّنُهم من سردِ قصّةٍ مؤرّخةٍ بالصّوتِ والصّورة، ونقلِها إلى المئاتِ من الجمهورِ والفئاتِ المختلفةِ عبرَ منصّاتِ التّواصل، وانتظارِ تفاعلِهم وردودِهم حيالَها.
العبدلي، وأثناءَ جلساتِ الورشةِ قالَ إنّ صحافةَ الهاتفِ النّقالِ أحدثَت تغييرًا جذريًّا في السّاحةِ الإعلاميّة، بعد أن أضحَت تُضاهي في تغطيتِها للحدثِ الماكنةَ الإعلاميّة، وفي أحايينَ كثيرةٍ باتَتْ تطغى عليها في تقنياتِها؛ وهذا جعلَه أكثرَ تفوّقًا وتميّزًا.
وأضاف أنّ هذا النّوعَ من الإعلامِ الجديدِ من الصّحافةِ السّمعيّةِ والبصريّةِ ظهرَ في غمرةِ التّسارعِ التّكنولوجيِّ الّذي نعيشُه، وبعد أنْ أصبحَ الهاتفُ المحمولُ في متناولِ اليد، ويُستخدَمُ من قبلِ الفئاتِ العمريّةِ المختلفةِ بمنتهى السّهولة؛ إذ أصبحَ بإمكانِ مُحبّي التّصويرِ الاعتمادُ عليه بشكلٍ كامل؛ لصناعةِ قصّتِهم أو تقريرِهم، بوقتٍ ومجهودٍ وسرعةٍ وتكلفةٍ أقلّ؛ وهذا يسهمُ في تسهيلِ مهمّةِ إنتاجِ أفلامِهم، ويحقّقُ الصّدى المطلوبَ لدى الجمهورِ المتلقّي؛ فأحدثَ ثورةً تكنولوجيّةً في عالمِ الإعلامِ الرّقميّ، وصناعةِ المحتوى.
وتضمّنَتْ جلساتُ الورشةِ عددًا من الموضوعاتِ ذاتِ الارتباطِ الوثيق، وكان الجانبُ العمليُّ في عرضِها ومناقشتِها والتّفاعلِ معها سيّدَ الموقف؛ إذ حاكَت أساسيّاتِ وتقنياتِ الهاتفِ المحمول، عبرَ التّعرّفِ عليها وتوظيفِها في إعدادِ قصّةٍ أو تقريرٍ مُصوَّر، إلى جانبِ أهميّةِ الالتزامِ بأخلاقيّاتِ العملِ الصّحافيِّ من أمانةٍ ودقّةٍ في تصويرِ المحتوى الإعلاميِّ وصناعتِه، وتحمّلِ المسؤوليّةِ المهنيّة، معرّجًا على أبرزِ التّحدّياتِ الّتي قد تواجهُ هاوي التّصوير، أو الصّحافيَّ في هذا العصرِ الرّقميّ، وكيف يمكنُ التّغلّبُ عليها .
كما تطرّق العبدلي في تدريباتِه إلى مسارِ إنتاجِ المحتوى الإعلاميّ، وما يتطلّبُه من معدّاتٍ أساسيّةٍ وإضافيّةٍ لازمةٍ للثّباتِ والصّوت، ومعاييرِ اختيارِها، والمهاراتِ المطلوبةِ لصحافةِ الموبايل؛ من تخطيطٍ مسبقٍ لإنتاجِ القصّةِ المتلفزة، ومهاراتِ إعدادِ موادّ إخباريّةٍ بوتيرةٍ أسرع من التّقاريرِ الإخباريّةِ التّقليديّة، واحترافِ استعمالِ الكاميرا الموجودةِ في الهاتفِ المحمول، والبرامجِ المناسبةِ لإضافةِ المؤثِّرات، ودمجِ الصّوتِ والرّبطِ والانتقالِ بينَ المشاهد، والعثورِ على حلولٍ لحفظِ المحتوى ومشاركتِه في موقعِ التّصوير، مع ضرورةِ التّكيّفِ مع الوسائطِ المتعدّدةِ والشّاشات؛ لإنتاجِ محتوى يلائمُ كلًّا منها.
وكان مدرّبُ الورشةِ قد أعلنَ في ختامِ الورشةِ عن مسابقةِ أفضلِ ڤيديو أو تقريرٍ تلفزيونيٍّ يُعّدُه الطّلبةُ المشاركون؛ لاختيار ِالفائزِ منها، ونشرِه عبر منصّتِه الخاصّة.