
فادية العتيبي- امتزجت مفرداتُ المفتي العام للمملكة الأردنيّة الهاشميّة الدكتور أحمد الحسنات، في محاضرة استضافته فيها الجامعةُ الأردنيّة اليوم بالنّصيحة والإرشاد، مشكّلة بذلك دعواتٍ محفّزة تبعث الرّاحةَ في النَّفْس، وحِكَمًا يتردّد صداها بين جدران المدرج الذي شهد حضورا لافتًا من قبل أساتذة كليّة الشّريعة في الجامعة وطلبتها الذين ارتأوا القدوم ليحتفوا بثمرة من ثمار كليّتهم ممّن حملوا راية العلم بأمانة وأدوا رسالتهم بحنكة وبصيرة، وعلى رأسهم عميد كليّتهم الدكتور عبد الرحمن الكيلاني الذي أدار المحاضرة.
وقدّم الحسنات خلال المحاضرة التي نظَّمتها وحدةُ البرنامج الدوليّ والخرّيجين والتّسويق في الجامعة الأردنيّة ضمن سلسلة فعاليات "قصة خرّيج" التي أطلقتها لتعزيزِ التّواصل مع خريجي الجامعة من أصحاب البصمات البارزة، جملةً من المواعظ الذهبيّة التي عكست جوهرَ رسالة الجامعة في التّوجيه والتّربية الفاضلة، مشكّلة لهم محفّزًا داخليًّا ومبعثًا للرّاحة النفسيّة.
وخلال المحاضرة التي جاءت بحضور مدير الوحدة الدكتور زيد عبيدات، وعدد من أعضاء الهيئتيْن التدريسيّة والإداريّة والطلبة، إلى جانب جمع غفير من أساتذة وطلبة كليّة الشريعة، استعرض الحسنات خلاصةَ تجربته العلميّة والمهنيّة، معرجًا على شريط الذّكريات التي جمعته بأساتذته وزملائه خلال دراسته الجامعيّة، مستحضرًا مواقف جميلة لا تنسى، وذاكرًا فضلَ الجامعة الأردنيّة التي تخرّج فيها في مرحلتي الماجستير والدكتوراه في تخصّص فقه الدين وأصوله، إذ كان لها الأثر البارز في صقل وتكوين شخصيّته، وفي رسم مشوار علمه ومسيرة عمَله التي تُوّجَت بقيادته دائرة الإفتاء العامّ التي أصبحت اليوم مرجعيّة علميّة شرعيّة بكلّ إخلاص وإتقان وعلم.
وتناول الحسنات الحديث عن نشأته العلمية التي بدأها في جامعة مؤته حيث درس مرحلة البكالوريوس فيها، مرورا بالجامعة الأردنية التي أنهى منها دراساته العليا من كلية الشريعة، منوها إلى أن الجامعة الأردنية آنذاك كانت أول جامعة أردنية تمنح الشهادات الشرعية وصاحبة السبق في استحداث التخصصات الشرعية، معربا عن فخره واعتزازه بتواجده فيها وألقاء محاضرة أمام جمع من الأساتذة ممن تتلمذ على يديهم ونهل من علمهم.
وأبدى مفتي عام المملكة تواضحا واضحا لدى حديثه عن العلاقة التي كانت تربطه بأساتذته والتي تقوم على المودة والاحترام المتبادل، وأضاف أن الحوار كان يتسيد المشهد في كل محاضرة، لما يفسحه أساتذته له ولزملائه من مساحة للنقاش في كثير من المسائل الدينية والفقهية التي كانت تستوقفهم أثناء دراستهم، واصفا إياهم بـ "الشيوخ" و" العلماء" الذين يحتفى بهم ويوفى لهم بالتقدير، لما فاضوا به من علم ولتحملهم طباع الطلبة ولسعة صدرهم، ومؤكدا أن الوفاء لهم لا يزول حتى بعد رحيلهم.
وأكد الحسنات أن الدراسة الجامعية هي بداية مشوار كل طالب وليس نهايته؛ حيث من خلال يحصل على مفاتيح العلم وليس كلها، وعليه أن يجتهد في علمه ويواظب عليه ويستثمر فيه الطريق إلى النجاح والارتقاء الروحي والمعرفي، مشددا على ضرورة أن يخلص النية لله في كل خطوة يخطوها.
وحث المفتي الطلبة على أن يضعوا نصب أعينهم خطة مستقبلية للعلم الشرعي الذين يطمحون للتخصص فيه وأن يتقنوه ويبدعوا فيه ويحدثوا فيه بصمة، مع الأخذ بأبجديات باقي العلوم الشرعية دون التخصص فيها، منوها إلى أننا في زمن يصعب على المرء التخصص في أكثر من علم، ومستعرضا تجربته الشخصية وحرصه على التخصص في علم الفقه وأصوله.
من جانبه وخلال عرضه السيرة الذاتية للحسنات؛ أعرب الكيلاني عن مشاعر الفخر والاعتزاز باستضافة أحد خريجي الجامعة، قائلا إن الجامعة الأردنية كما الأم التي تفرح بأبنائها الذين تربوا في كنفها ونشأؤا في حجرها، هي أيضا تفرح بخريجيها الذين نهلوا العلم من معينها، ودرسوا في كلياتها وقاعاتها وتكونت شخصياتهم العلمية من خلال برامجها وأنشطتها، وحققوا بصمات يشاد بها في مشوار حياتهم العملية.
وأضاف أن الحسنات هو واحد من من أبنائها الأوفياء الذين سطروا مسيرتهم المهنية بحروف من الجد والإبداع والتميز، وقدموا أنموذجا يحذى بالطالب الطموح الذي يترجم العلم إلى عمل وإنجاز ويخدم رسالة الإسلام، ويسهم في نهضة وطنه وأمنه.