سهى الصبيحي – نظّمَتْ كليّةُ العلومِ التّربويّةِ في الجامعةِ الأردنيّةِ اليوم ندوةً حواريّة؛ لمناقشةِ آخرِ المستجدّاتِ والاتّجاهاتِ العالميّةِ في البحثِ العلميِّ التّربويّ، وذلك برعايةِ عميدِ الكليّةِ الدكتور محمد صايل الزيود، واستضافَتْ مديرَ برنامجِ التّعليمِ المبكّرِ في الأردنّ (أساس) في المجلسِ الدّوليِّ للبحوثِ والتّبادلِ "آيركس"، كاميرون ميرزا.
ورحّبَ عميدُ الكليّة، الدكتور محمد صايل الزيود، بميرزا، الشّريكِ الدّائمِ للكليّةِ في تنفيذِ عددٍ من البرامجِ الأكاديميّةِ المتميّزة، ومنها برنامجُ الدبلوم العالي لإعدادِ المعلّمين، وبرنامجُ التّعليمِ المبكّر، في هذا اللّقاءِ الّذي يهدفُ إلى إتاحةِ الفرصةِ لتبادلِ الخبراتِ والرّؤى حولَ البحثِ العلميِّ التّربويّ، منوّهًا إلى أنّ هذا النّوعَ من البحثِ يمثّلُ حجرَ الأساسِ في تطويرِ النّظامِ التّربويّ، واستكشافِ حلولٍ للمشكلاتِ الّتي تواجهُ العمليّةَ التّعليميّة.
وأشارَ الزيود في كلمتِه الافتتاحيّةِ إلى أهميّةِ دورِ البحثِ العلميِّ في تعزيزِ جودةِ البرامجِ التّعليميّةِ الّتي تقدّمُها الكليّة، داعيًا الحضورَ من المعلِّمينَ وأعضاءِ الهيئةِ التّدريسيّةِ إلى الاستفادةِ من هذه الفرصةِ القَيِّمَة؛ للاستماعِ إلى خبراتِ ميرزا العالميّةِ الّتي تمتدُّ بينَ المملكةِ المتّحدةِ ودولِ المنطقة، وختمَ بتقديرِه العميقِ للجهودِ كلِّها المبذولةِ لدعمِ التّعليمِ والبحثِ العلميّ.
وفي مستهلِّ اللّقاء، أكّد ميرزا أهميّةَ التّعليمِ بوصفه مهنة، عادًّا إيّاه إقرارًا بالرّغبةِ في الإسهامِ في بناءِ المعرفة، كما أثنى على برنامجِ التّدريبِ في الجامعةِ الّتي تعدُّ بيئةً تعليميّةً متميّزة، مشيرًا إلى أنّ الهدفَ الأساسيَّ من البحثِ العلميِّ
خلقُ المعرفة؛ فهو حجرُ الأساسِ لبناءِ اقتصاداتٍ ومجتمعاتٍ شاملةٍ ومَرِنة، فضلًا عن دورِه في توفيرِ أدلّةٍ لتطويرِ الممارساتِ والسّياساتِ التّعليميّة.
واستعرضَ الاتّجاهاتِ الحديثةَ في البحثِ العلميِّ خلال السّنواتِ العشرِ الأخيرة، مشيرًا إلى الزّيادةِ الكبيرةِ في الإنتاجِ البحثيِّ عالميًّا، لا سيّما في مجالَيْ التكنولوجيا والذّكاءِ الاصطناعيّ، كما بيّن أنّ جائحةَ كوفيد-19 أسهمَت في تعزيزِ البحوثِ المتّصلةِ باستخدامِ التكنولوجيا والتّعليمِ عن بُعد، وأشارَ إلى التّوسّعِ الكبيرِ في عددِ الجامعاتِ عالميًّا؛ إذ تجاوزَ العددُ الإجماليُّ 25,000 جامعةٍ حتّى نهايةِ 2024؛ وهذا أدّى إلى زيادةٍ ملحوظةٍ في الإنتاجِ البحثيّ.
وركّزَ ميرزا على أهميّةِ البحثِ العلميِّ التّربويِّ في العالمِ العربيّ، لافتًا إلى أنّ الإنتاجَ البحثيَّ في مجالِ التّعليمِ لا يزالُ ضعيفًا نسبيًّا مقارنةً بالمناطقِ الأخرى، مستعرضًا الدّولَ الأكثرَ نشاطًا في هذا المجال؛ إذ أبدى فخرَه بالجامعةِ بعدِّها إحدى أبرزِ الجامعاتِ في العالمِ العربيِّ في البحثِ العمليِّ التّربويّ؛ فتسهمُ بنسبةِ 7% من الإنتاجِ البحثيِّ العربيِّ في هذا المجال.
وختمَ ميزرا حديثَه بتأكيدِ مفهومِ "البحث العلميّ الجيّد"، موضّحًا أنّ جودةَ البحثِ تُقاسُ بالنّشرِ في مجلّاتٍ مرموقة، وعددِ الاقتباسات، ومستوى التّعاونِ الدّوليّ، منوّهًا إلى أنّ مؤشّرَ "H-Index" معيارٌ أساسيٌّ لتقييمِ الباحثين؛ إذ يُظهِرُ مدى تأثيرِ بحوثِهم، وشدّدَ على العلاقةِ الوثيقةِ بين جودةِ البحوثِ والتّصنيفِ العالميِّ للجامعات، موضّحًا أنّ السّمعةَ الأكاديميّةَ القويّةَ ترتبطُ ارتباطًا وثيقًا بجودةِ البحوثِ المنشورة.
ودارَ نقاشٌ حولَ أهميّةِ امتلاكِ المعّلمينَ مهاراتِ البحثِ العلميّ؛ إذ أشارَ الزيود إلى تشجيعِ برنامجِ "دبلوم" التّربيةِ للمعلّمينَ قبلَ الخدمةِ، والطّلبةِ على تبنّي أسلوبِ "البحثِ الإجرائيّ"؛ بعدِّه خطوةً أولى نحوَ تطويرِ مهاراتِهم البحثيّةِ عبرَ جمعِ البياناتِ باستخدامِ أدواتٍ متنوّعة؛ مثلِ المقابلاتِ والاستباناتِ الّتي يستطيعُ المعلِّمُ بها تحويلَ هذه المشكلاتِ إلى فرصٍ بحثيّة، ونشرَ نتائجِها في مجلّاتٍ علميّةٍ محكّمة، فيما شجّعَ ميرزا المعلّمينَ على الاستفادةِ من المواردِ والتّسهيلاتِ البحثيّةِ الّتي تقدّمُها الجامعة، وهي السّباقةُ في البحثِ العلميِّ في الأردنّ.
وتوفّرُ الجامعة، حسبَ الزيود، منصّاتٍ عدّة لنشرِ البحوث؛ مثلِ مجلّةِ "دراسات" المُحَكَّمة، إضافةً إلى المؤتمراتِ البحثيّةِ التي تُنظِّمُها الكليّة، ومنها مؤتمرٌ سيُقامُ في نيسان القادم؛ وهذا يمنحُ الطّلبةَ والباحثينَ فرصةً لإبرازِ أعمالِهم، والمساهمةِ في تطويرِ التّعليمِ في الأردنِّ والمنطقة، بينما نوّه ميزرا إلى ضرورةِ تبنّي الاتّجاهاتِ العالميّةِ في البحثِ التّربويّ، والتّركيزِ على النّوعِ مقابل الكم.
واختَتَمَ العميدُ النّدوةَ بالإشارةِ إلى أنّ الكليّةَ تُظهِرُ توافقًا ملحوظًا بينَ البحوثِ التي تُجريها، والاتّجاهاتِ العالميّةِ في هذا المجال؛ وهذا يعكسُ حرصَها على مواكبةِ التّطوّراتِ العلميّة، والدّفعِ بمسيرةِ التّعليمِ والبحثِ إلى الأمام، وتُعَدُّ الكليّةُ من بينِ أوّلِ عشرِ جامعاتٍ عربيّةٍ في مجالِ البحثِ العلميِّ التّربويّ، وهو ما ينسجمُ مع مكانةِ الجامعةِ في التّصنيفات؛ مثلِ تصنيفِ "كيو إس" العربيِّ الّذي حقّقَتْ فيه المركزَ التّاسع.