فادية العتيبي- أكّد مشاركون ضرورة تعزيز ثقافة الحوار البنّاء في الوسط الجامعيّ، بوصفها ركيزةً أساسيّةً من شأنها ترسيخ قيم الاحترام المتبادل، وضمان بيئة جامعيّة آمنة يسودُها التّفاهم وتقبل الآخر، بعيدًا عن مظاهر التنمرّ أو الخلاف غير الهادف.
وأوضحوا أنّه بالحوار يتحقّق التواصل الفعّال بين جميع مكوّنات المجتمع الجامعيّ، ما يسهم في معالجة القضايا والتّحديات بأسلوب حضاريّ يقوم على الاحترام والتّفاهم المتبادل، ويعزّز روحَ التعاون والمسؤوليّة المشتركة، لافتين إلى أنّ إطلاق مبادرات وأنشطة لا منهجيّة وتوظيفها في تنمية مهارات الاتّصال والحوار، يسهم في خلق بيئة تعليميّة مستقرّة تعزّز الانتماء والمسؤوليّة الجماعيّة.
جاء ذلك خلال جلسة حواريّة نظّمتها عمادة شؤون الطّلبة ومركز تنمية وخدمة المجتمع في الجامعة الأردنيّة بالتّعاون مع مديرية الأمن العام بعنوان "بالحوار نبني بيئة جامعيّة آمنة"، برعاية كلّ من عميد شؤون الطلبة الدكتور صفوان الشياب، وقائد أمن إقليم العاصمة في مديرية الأمن العام العميد الدكتور جمال الجازي، ومشاركة رئيس قسم السّلم المجتمعيّ في المديريّة المقدم الدكتور عمر الخلايلة، والأستاذ المشارك في قسم علم الاجتماع في كليّة الآداب في الجامعة.
وتشكّل الجلسةُ التي حضرَها عددٌ من أعضاء الهيئتيْن التدريسيّة والإداريّة وطلبة الجامعة، ومسؤولون في مديريّة الأمن العام، باكورةَ فعاليات أسبوع السّلم المجتمعيّ التوعويّ الجامعيّ لمقاومة العنف في الجامعة، الهادفة في مضامينها إلى نشر ثقافة السّلم والحوار والاحترام المتبادل داخل الحرم الجامعيّ.
وخلال افتتاحه للجلسة، قال الشياب إنّ السّلم المجتمعيّ داخل الجامعة هو أساس السّلم في المجتمع، حيث يسود من خلاله الأمن الفكريّ والنفسيّ، ويزدهر الإبداع ويعلو صوتُ الحق والمعرفة على صوت الخلاف والفوضى، لتصبح الجامعةُ البيتَ الدافئ الذي يشعّ أملًا ومعرفةً ونورًا.
وأضاف أنّ الجامعة ليست مكانًا للعلم فقط، بل هي للتّربية ولغرس القيم النّبيلة ولبناء الشّخصية الواعية، داعيًا الطلبة لأن يكونوا سفراء للأخلاق في سلوكهم، وللسّلام في تعاملهم، وللحوار في أفكارهم، وأن ينبذوا العنف ويتحمّلوا مسؤولية الحفاظ على أمن وسلام جامعتهم، وأن يكونوا معوَل بناء، لا معول هدم ليعكسوا بذلك صورة حضاريّة تليق بها.
وأوضح الجازي دورَ مديريّة الأمن العام في توعية الشّباب بالمخاطر الأمنيّة التي تحيط بمظاهر العنف الجامعيّ الذي يندرج ضمن ظاهرة العنف المجتمعيّ، مبينًا أنّها أخذت على عاتقها شرف تحمّل تلك المسؤولية من خلال جملة من الإجراءات المرتبطة بالجانبيْن العملياتيّ والتوعويّ لتتوج تلك الجهود ضمن مبادرة الأسبوع التوعويّ الجامعيّ، لتوعية الطلبة في مختلف الجامعات الأردنيّة الحكوميّة والخاصّة المنتشرة في أرجاء المملكة نفسيًّا وتحصينهم فكريًّا.
وخلال حديثه بشيء من التّفصيل عن العنف الجامعيّ من حيث مفهومه وموقف الأديان منه، وأشكاله ومظاهره وعوامله وأسبابه ودوافعه، والنّظريات الاجتماعيّة المفسّرة له، اقترح الجازي جملة من الحلول التي من شأنها أن تحدّ من ظاهرة العنف الجامعيّ، مثل التصدي للأفكار والمعتقدات الدّخيلة على الجسم الطلّابي، وإيجاد أدوات حقيقية وفاعلة لحل المشكلات التي تعترض الطلبة، وغرس قيم الزّمالة والأخوّة، وإعادة النّظر ببعض السياسات المتعلّقة بحوافز الطلبة، مثل تقديم منح أوائل الطلبة وبرامج التّشغيل داخل الجامعة والتوسّع فيهما ليشمل أكبر عدد ممكن من الطلبة، وايضًا إعادة النظر ببعض القوانين والتعليمات الجامعيّة بما يتناسب مع طموحات الطلبة وتطلعاتهم وغيرها من الحلول ذات الجدوى.
وخلال الجلسة، تناول الخلايلة دورَ الأمن المجتمعيّ في تعزيز ثقافة الحوار بدلًا من اللجوء للعنف، مؤكّدًا أنّ العنف الجامعي هو انعكاس للعنف المجتمعيّ، ولا بد من إيجاد حلول قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى للتّخفيف من ذلك العنف، كإيقاع عقوبة صارمة لكل من يخلّ بالأمن الجامعي وتنفيذ أنشطة لا منهجية وإشراك الطلبة فيها لتفريغ طاقاتهم خلال أوقات فراغهم بأعمال ذات فائدة، مشيرًا إلى أنه -بحسب الدراسات التي أجراها- تبيّن أنّ ما نسبته 86% من المشاجرات الجامعيّة يتسبّب بها طلبة الكليّات الإنسانيّة.
في حين أشارت الرواشدة في مداخلتها إلى العوامل الاجتماعيّة التي تؤثّر في ضعف الحوار بين الطلبة، وأكّدت أنّ الجامعة لا تولد العنف؛ لذا فمن غير المقبول وصف بمصطلح بـ"العنف الجامعيّ" بل يجب تسميتها بـ"العنف في الجامعات"، مؤكّدة أنّ الحوار هو وسيلة للتّواصل ويجب اكتسابها مهارةً من خلال إشراك الطلبة بالدّورات والورشات لتعلُّم أدبياتها وأصولها، ومنوّهة في الوقت ذاته بالتنوّع الاجتماعيّ والثقافيّ داخل الجامعات، إذ يشكّل فرصةً يمكن استثمارها للاستفادة منها عندما يُدار بأسلوب حضاريّ، فيه تسامح وتقبّل للآخر، بعيدًا عن التعصّب.
وخلال إدارتها للجلسة، أوضحت مساعدة عميد شؤون الطلبة ميسون الفاعوري، أنّ هذه الفعالية تأتي في إطار جهود الجامعة الأردنيّة لنشر ثقافة الحوار البنّاء وتعزيز قيم التّسامح ونبذ العنف وبناء بيئة جامعيّة قائمة على الاحترام والتّفاهم والمسؤوليّة المشتركة بين جميع مكوّنات المجتمع الجامعيّ.