
سهى الصبيحي - استضافت كلّيّة الآثار والسياحة في الجامعة الأردنيّة اليوم محاضرة بعنوان "أهمية الوصاية الهاشميّة في الحفاظ على المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة وتراث المدينة المقدّسة في القدس الشريف"، قدمها المدير التنفيذيّ للصندوق الهاشميّ لإعمار المسجد الأقصى المبارك وقبّة الصخرة المشرّفة الدّكتور وصفي الكيلاني.
وفي مستهلّ المحاضرة، رحّب عميد الكلّيّة الدّكتور إسماعيل أبو عامود بالمحاضر، مؤكّدًا أنّ موضوع الوصاية الهاشميّة يمثّل أحد الثوابت الراسخة في هُوِيّة الدولة الأردنيّة، ويعكس الدور الدينيّ والتاريخيّ والإنسانيّ الذي تضطلع به القيادة الهاشميّة في حماية المقدّسات وصون تراث القدس الشريف.
وأشار أبو عامود إلى أنّ الوصاية الهاشميّة تشكّل امتدادًا لرسالة العروبة والإسلام في الدفاع عن هُوِيّة المدينة المقدّسة ومكانتها الحضاريّة، لافتًا إلى أنّ علم الآثار في هذا السياق يُعدّ أداة معرفيّة في مواجهة محاولات تزوير التاريخ، إذ تسند الأدلّة الأثريّة الموثّقة الرواية العربيّة والإسلاميّة الأصيلة لمدينة القدس.
وتناول الكيلاني في محاضرته السياق التاريخيّ للوصاية الهاشميّة والعهدة العمريّة، مستعرضًا مراحلها وإنجازاتها في الحفاظ على المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة. وأشار إلى أنّ مشروع ترميم فُسَيفِساء قبّة الصخرة المشرّفة والمسجد القبليّ بتمويل من جلالة الملك عبد اللّه الثّاني بن الحسين وصل إلى مستوى هو الأفضل منذ خمسة قرون، إلى جانب أعمال ترميم التيجان الرخاميّة والزخارف الخشبيّة التي تعود إلى عهد الخليفة عبد الملك بن مروان.
كما استعرض جماليّات قبّة الصخرة المشرّفة، والمساجد الأرضيّة كالمسجد المروانيّ الذي يتّسع لستّة آلاف مصلٍّ، مبيّنًا أنّ الوصاية الهاشميّة أسهمت في إعادة إعمار هذه المواقع وصونها من محاولات التهويد والطمس.
وفي الجزء الثاني من المحاضرة، تحدّث الكيلاني عن التهديدات التي تواجه المقدّسات في القدس من قبل ما يعرف بـ"المسيحيّة الصهيونيّة"، موضّحًا استخدام هذه الحركة للدين والسياسة وعلم الآثار لتزوير الرواية التاريخيّة، ومشيرًا إلى أنّ بعض أعمال العنف ضدّ المقدّسات، كحريق المسجد الأقصى عام 1969، ارتكبها متطرّفون ينتمون إلى هذا الفكر.
كما تطرّق المحاضر إلى الاعتداءات التي طالت المقدّسات المسيحيّة في القدس، ومنها المقبرة البروتستانتيّة التاريخيّة التابعة للكنيسة الإنجيليّة، والاعتداء على تمثال المسيح في كنيسة الجلد في طريق الآلام، مؤكّدًا أنّ هذه الاعتداءات تمثّل استهدافًا متواصلًا للتراثين الإسلاميّ والمسيحيّ في المدينة المقدّسة.
واختتم الكيلاني محاضرته بالتأكيد على أنّ الوصاية الهاشميّة تمثّل مشروعًا متكاملًا لحماية القدس وهُوِيّتها العربيّة والإسلاميّة، فهي ليست مجرّد جهود ترميم وصيانة، بل معركة متواصلة للحفاظ على ذاكرة المكان وتراثه الإنسانيّ والحضاريّ.